November 09, 2008

الصراحة ليست راحة

منذ صغري وهذه العبارة تتردد على مسامعي.. كنت أحسب أن الصراحة راحة في جميع صورها في ذاك الوقت - فهكذا فهمتها ببساطتها.. ظننت هذه الكلمة تضفي نوعا من الحب بين المتحاورين..

ولكن اليوم وبعد كل هذه السنين اكتشفت أن معلومتي كانت خاطئة.. فالصراحة ليست دوما مصدرا للراحة.. الأحرى أن يكون الحزن، الرفض، وربما يصل للكره هي المشاعر التي تتبع تلك الكلمات الصريحة..

عندما يفتح إنسان حوار ويضع في مقدمة الحوار لافتة الصراحة راحة -دون أن يعي مفهومها-فهو يقصد أخبرني عن ما في قلبك لأني أريد أن أراك من الداخل .. واترك التبعات لوقتها..

الذكي هو من لا يستعجل في إفراغ ما في جعبته من كلمات صريحة لكل من رفع شعار الصراحة راحة، بل عليه أن يقوم بجس نبض المتلقي على تلقي تلك الكلمات والتي ستكون كالقذائف تارة، وكالمسامير تارة أخرى لكل من لا يعي معنى الصراحة راحة… وفي الجهة المقابلة ستكون كالنسمات على أذن من تبنى المفهوم الحقيقي للصراحة..

الصراحة لا تكون إلا من المحبين المقربين، فالعدو والحسود والذي يكره لا يصارح، إنما يجرح بكل ما أوتي من كلمات، في حين الصديق القريب المحب والذي يتمنى أن يرى الأفضل والأجمل والأسمى والأرقى في حبيبه وصديقه ورفيقه فهو من يصارح..

ولكن حتى هؤلاء المحبين أحيانا يخونهم إدراك معنى الصراحة.. فتصبح طامة إن صارحتهم..فلا يعودوا الأحباب الذين عهدناهم..

أي أن مسألة الصراحة تحتاج لللتروي.. للتأكد من أمور معينة منها:

1- هل تعتبره ويعتبرك من الأصدقاء والمحبين والمخلصين

2- هل مفهوم الصراحة راحة مدركة من الطرفين

3- هل تم اخلاص النية وهو الأهم وإن لم أتطرق له..

أتمنى أن يفهم الإنسان معنى الصراحة راحة قبل أن يتبنى هذا الشعار، وأن يدرك أن الصراحة لا تكون راحة إلا بمقدار الفهم الشامل لكلمة الصراحة تلك.. فالصراحة ليست سيل من المدائح والإعجاب.. بل قد تكون ذم ونقد مؤلم ولكن لا يهدف للهدم أكثر منه للبناء..

فاليعذرني كل من صارحته من باب الحب وجرحته دون وعي.. ربما علي أن أزيد من ثقافتي عن الصراحة..

نتيجة الاستفتاء: 36% يقبلون الصراحة من الكل… 54% يقبلون الصراحة من أناس معينين… 9% يقبون الصراحة أحياناً… والحمدلله لم يمر على مدونتي من يرفض الصراحة ^.^..

18 comments:

Anonymous said...

اممممم كلام جميل ..


بعض الناس يفهم الصراحة .. على انها

اخراج مافي القلب بدون مراعة لمشاعر الطرف الاخر !

هذه ليست صراحة !


الصراحة هي اسلوب مناسب و معلومة صحيحه و قد تحتاج لحل ...


اما التهجم بداعي الصراحة ..


فهذه قد تكون " وقاحه جارحه "


شكرا لك ِ

مسك الحياة said...

المهند الكدم:
الصراحة أسلوب مناسب... نعم صدقت.. فهو فن بحد ذاته يقتضي من المصارح أن يتقنه...
أراه أصعب فنون الخطابة بل يكاد يكون اصعب من فن الإقناع :-(

Anonymous said...

علمتني الحياة أن أنتقي نقدي
وأتقبله .. بل وأسعى لمعرفة هل أصبت ..
لأن الإنسان مهما بلغ من الحكمة لايرى نفسه .. وعندما أكون صادقة مع نفسي ومع الناس .. سوف يصدقوني القول ولكن لا أتقبل النقد إلا من نفس بيضاء ..
عموماً أحب أن يعاملني الناس مثلما أعاملهم ..

مدونتك رائعة .. أستمتعت فيها

Anonymous said...

سيدتي
بين الصراحة والوقاحة خيط صغير .. علينا أولا ً مراعاة هذا الشئ ..

ثم أن الصراحو محرجة ومتعبة كالحقيقة موجعة

دمتم

مسك الحياة said...

ليلى:
النقد من النفوس البيضاء.. ما أصدقه وأبسطه..

أحيانا نخطئ في تصنيف النفوس.. نخالها بيضاء فتصدمنا!! ليست قاعدة ولكن يصادف أن نراها بين الفينة والأخرى..

تشرفت بك أخية.. وأدامك الله ضيفة بل نزيلة في بيتك^.^

مسك الحياة said...

ميقات الذاكرة:
نسيت أن أدرج هذه النقطة..
حقا نسيت أن الجرعة الزائدة من الصراحة تصبح إما وقاحة أو سماً سريع المفعول..

يالي من إنسانة مثالية بكل ما في الكلمة من معنى (نساية)

لك كل الشكر على التذكرة والمرور الطيب..

Anonymous said...

يجب أن نُفرّق بين الصراحة والوقاحة..
بإمكاني أن لا أتملّق وأن أكون واضحة وصريحة في حدود ما يفرضه أدب التعامل وحسن الأخلاق،
الصراحة راحة لأنها طريق للتصالح مع النفس بعيدا عن الكذب والنفاق الاجتماعي،
شكرا لكـ..موضوع جميل

Anonymous said...

كلام جميل
وعلينا ان نفهم أيضا أن عدم الصراحة لا تعني الكذب
بل عدم الصراحة تكون في إخفاء بعض الأمور وإظهارها في الوقت المناسب
ليس كل ما نقوله يفهمه الناس، نكون صريحين جدا، لكننا نجني أحيانا عكس ما توقعنا

فالصديق قد يصبح عدوا يوما ما

مع ذلك هناك من الناس من نثق بأن نقول له كل الصراحة، فنشعر بالإرتياح، ويشعر هو بذلك، ونخرج بفائدة من مصارحتنا
هنا تكون الصراحة جميلة ولا أجمل منها

مسك الحياة said...

لميس:
أرى أن مفهوم الوقاحة مفهوم نسبي.. هناك من يعتبر مجرد قول الصراحة نوعا من الوقاحة.. ولو كان كلام أبعد ما يكون عن وقاحة..
من لا يقبل الصراحة سيعتبر كل كلمة صريحة ولو كانت صادقة وبسيطة نوعا من الوقاحة..

مفهوم الصراحة والوقاحة مفهوم كبير ونسبي ويختلف من شخص لشخص..

سعدت بك أخية.. وشكرا على المرور الطيب..

^.^

مسك الحياة said...

عابر سبيل:
أجل.. ليس كل ما نقوله يفهمه الناس.. وإن كنا نقوله بعفوية وصدق وحب.. إلا أنه يعتبر نوع من التجريح أحياناً..

أتمنى أن نجد أناس يتقبلون الكلمات ببساطتها دون تحريف ودون عتب..

دمت بود

ســـــاره said...

الصراحــة موجعة عزيزتــي ..
قد يخوننــا التعبيـر وقد لا ..
ولكن من الصعب أن تجدي متلقي يتقبل صراحتــك
فالتقبل بحد ذاتـه وسعة الصدر فن لا يجيده الكثيرون
وكم من صراحـة كانت من باب المحبــة فتحت أبواب البغضاء.. فإن صارحتــي خسرتـي وإن كتمتــي كسبتـي !

مدونـة رائعة .. تقبلي تحيـاتي :)

Anonymous said...

بالنسبة لي لا اخب المصارحه وانا من الاساس لست صريحه او ربما هناك كلمه ابلغ من هذه || سأقول غير مباليه

اي انني لا احب البوح بما في داخلي لانني اعلم مهما كان الاسلوب مفعم بالحنان لن يصل بهذا الشكل

لذا دائما اترك الامور تمشي هذا كما امشي انا للامام والاخطاء تمضي وتعود

اظنني لا ابرع في فن المصارحه لقد تركتها لاصحابها

Anonymous said...

مسك الحياة
كلامك صحيح .. لذالك يجب إنتقاء من لهم الأهليه .. لدي والدتي وإخوتي ومن أحب قلوبهم بيضاء أثق فيهم ..

تحية مسائية

مسك الحياة said...

سارة:
وإن كتمت كسبت!!! وياله من مكسب..

نرى من نحب يتخبط في الخطأ ولا نقوى على القول خوفا من أن يتبدل الحب لكره.. وخوفا على مشاعره.. ولما لا نخاف عليه من تبعات الخطأ!!!

كلامك سليم ويا ليت لو لم يكن.. ولكنها هي بحد ذاتها حقيقة موجعة..




مفنودة:
يا ليتني كنت مثلك لا أبالي..المشكلة أني لا أقوى على كتم كلماتي.. وذلك خوفا على المصارح له من تبعات ما يقوم به.. وليس رغبة في جرحه..

ريحتي وارتحتي أخية.. (مبدئياً)





ليلى:
نعم الأم والأب والإخوة .. هم نفوس بيضاء أدامها الله لنا..
وينطبق على كلماتهم عبارة أمي دائما ترددها:
يا بخت من بكاني وبكى علي ولا ضحكني وضحك الناس علي..
أي أن كلامهم سيكون قاسي ومؤلم حتى للمصارح نفسه ولكنها تنصب لمصلحتنا أولا وأخيرا..

لك الشكر على بقاؤك هنا أخية ^.^ ..

Anonymous said...

موضوع جميل جدا يا مسك ..
و لكن علينا التفريق جيدا بين المصارحة و المكاشفة ..
فالصراحة شيء ممدوح و غير مذموم أبدا في أي جانب من الجوانب لأنها كلمة بمعنى الصدق ..
و لكن المشكلة دائما تكون في أسلوبنا في توصيل رأينا الصريح للغير ..و توقيتنا للمصارحة ..
أحيانا كثيرة يأتي من يصارحنا في الوقت الضائع ..
و أحيانا كثير نصارح بعض و نحن في حالة إنفعالية عالية فتكون إهانة و توبيخ أكثر منها صراحة .
الصراحة راحة يا مسك .. راحة لنا و لغيرنا بشرط أن نستوعب ما الذي سنصارح به غيرنا و من نصارح ..و متى..

للأسف بمفهومنا الضيق قلبنا كثير من الكلمات الجميلة في حياتنا لتصبح قبيحة و مذمومة ..

شكرا يا مسك على هذا الموضوع الجميل..

مسك الحياة said...

عهود:
تظنين الصراحة راحة؟؟..
الصراحة راحة للنفوس البيضاء فقط.. وللنفوس المدركة أهمية الصراحة بين المحبين.. غير ذلك فتكون الصراحة قطع للوصال وكارثة إجتماعية..

صدقيني لو غلفتي الصراحة بمليون شريطة حمراء وقدمتيها في وقت غروب الشمس لإنسان عزيز لا يتقبل الصراحة.. فسترد لك وفوقها عتب وزعل..


شكرا لك على ردك الجميل أخية..

لك من الود كله ^.^

Anonymous said...

فعلا الصراحه ليست راحه
ربما تكون راحه للشخص لأنه أخرج مافي قلبه
ولكنه ربما يندم على صراحته التي لم ترح غيره
شكرا لك

مسك الحياة said...

بشرى:
ربما تكون هكذا.. ومع الأسف لا يصاحب إخراج مافي القلب أي راحة وخاصة عندما يكون المتلقي غير متفهم لحقيقة الكلمات..

لك الشكر على مرورك الطيب والأول وليس الأخير إن شاء الله..

Post a Comment